هلال صفرها هو صفر الشهر الذي يتشاءم منه الناس ويخافون وكأنه عدوهم.
وخفي على الكثير منهم أن الخوف يجب أن يحصل من الاعتقاد الباطل المُوقِع في الشرك-والعياذ بالله- فعندها أقول لك: حقًّا أن تخاف الآن، لِمَ؟ لأن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء.
وإن كانت بقايا الجاهلية فيك فاحذر من شدة هذا الخطر؛ فعن أبي هريرة-رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا عدوى ولا طيرة ولا هامَة ولا صَفَر"[1].
والحقيقة التي يجب أن تكمن في نفس المؤمن أن الأزمنة لا دخل لها في التأثير وفي القدر، فهو كغيره من الأزمنة يُقدَّر فيها الخير والشر، والبومة إن نعقت فإنها تنعق كسائر الطيور الأُخرى.
بل حدثت أحداث مهمة في تاريخ هذه الأمة من شهر صفر، فقد غزا النبي-عليه الصلاة والسلام- بنفسه أول غزوة ولم يلق كيدًا أو يفر، بل فتح النبي صلى الله عليه وسلم فيه خيبر.
أما وفد عذرة الذي أتى النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الشهر، فأسلموا جميعهم وكانوا اثني عشر فردًا، ثم انصرفوا وقد أجيزوا.
ولا تردك الطيرة عن أي عمل، فإن عبد الله بن عمرو بن العاص-رضي الله عنهما- قال: (من ردته الطِّيرة عن حاجته فقد أشرك). قالوا: فما كفارة ذلك؟ قال: (أن تقولَ: اللهم لا خير إلا خيرك، ولا طَير إلا طَيرك، ولا إله غيرك)[2].
بل كان نبينا صلى الله عليه وسلم للفأل محب، ويعجبه؛ لأن التشاؤمَ سوءُ ظن بالله تعالى من غير سبب، وإنما حسن ظننا بربنا هو الأحب؛ فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ-رضي الله عنه- "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُعجِبُهُ إِذَا خَرَجَ لِحَاجَةٍ أَنْ يَسْمَعَ يَا رَاشِدُ يَا نَجِيحُ"[3].
وهكذا يعلم المؤمن الحق أن الأمة لو اجتمعت على أن يضروه بشيء لن يضروه إلا بشيء قد كتبه الله له، فلا يتقرب من دائرة الشرك أو الباطل من الاعتقاد من ذلك مبتعدًا، وللآخرين محذرًا ومعلمًا، فالحذر يا إخوتي كل الحذر.
[1] رواه البخاري.
[2] صحيح، رواه أحمد والطبراني.
[3] صحيح، رواه الترمذي.
الكاتب: الشيخ مثنى بن علوان الزيدي
المصدر: شبكة الألوكة